From: fatcha37
مرّ دهرٌ و قلبي مازال يخفق بذكراك... مرّ دهرٌ و سحب الحزن ما تزال ملتفة حول قلبي...و مازالتُ كعادتي أقف خلف الشرفة أراقب الليل و هو يلملم بقايا جلبابه الأسود ليكشف عن صبح تلوح تباشيره لتضيء قلوب البشر و تفضح خباياها...وهاهي أحزاني تتمدّد بإرتياح كبير على صدري فتخنق أنفاسي و تصنع السؤال من جديد: إلى متى يدوم هذا الأنين؟ متى الإنعتاق من شرنقة الشوق و الحنين؟
متى أحتضن ذاتي المرتعشة خوفاً ....تأخذني الأسئلة إلى أبعد الحدود ثم فجأة تصفعني الحقيقة لأدرك أن كآبتي خرساء لا صوت لها و أنني إعتدت أن أتستّر برداء التجلد...لكني اليوم سأخلعه و أرميه بعيداً عن حياتي...سأنزع ذاتي المتألمة مع منامتي و أنطلق وحدي لأواجه مصيري
و بين أزقة المدينة تتعانق ساقاي مكوِّنة خطى تائهة كسفينة سندبادية ظلّت طريقها في محيط عظيم فتحاسرني العيون على اختلاف أشكالها و ألوانها وكأن القدر رسم مأساتي على تقاسيم جسدي ليقرأها كل من يراني...الكل يتأملني في استغراب تام حتى قطط المطاعم و مزابل الأزقة المنسية....كل هذا يحرّك أفكاري بعنف شديد فتتلاطم و تتضارب لتصنع ضجيجاً يُلهب أحشائي .....فأعود لأفكر فيك بجدية منقطعة النظير فلن أعود لبيتي ما لم أصنع قراراً أُممياً يقضي بمحوك من وجودي...و أطيل البحث عنك في مخيلتي لأناقشك فيظهر طيفك يتحدى بقاياي.....أحاول عبثاً القبض عليه لكنه يتسرّب من بين أصابعي كالهواء ثم يعود ليستقرّ مجّدداً في أعماقي المحطمة و كأنك ما عشتَ معي لحظة واحدة....فيما مضى كنّا بجنون نغلف اللحظة باللامبالاة...و اليوم ها أنت تقف في نقطة الإبتداء وتتركني مع انكساري نمارس الوحدة و الألم....لكني اليوم سأدفن ذكراك في كفّ الماضي سأحزم حقائبي وأنفصل عن ذكراك الأليمة و لو لبعض الوقت....لكن و فجأة تحاصرني لحظة لحوحة تعصرأحاسيسي و تدق بقسوة بؤرة شعوري ثم ترميني غاضبة لتجتاحني موجة قوية تهزّ دواخلي و تشعل نيران ذاكرتي ...تتقاذفني اللحظة و الموجة....لأقع أخيراً في شاطئ غطته أجواءٌ غريبة تدعوني إلى إعادة ترتيب أفكاري و غربلة مشاعري......فأشعر و كأنني أمٌ تعتزم التخلي عن وليدها..... انفجرت عينايا بكاءً و تملّكني ضعف كبير أفقدني الرغبة في تنفيد ما أصبو إليه و أعود لأمنحك الحق في استيطان وجداني لا لشيء إلا لأني مجنونة حرف....وبما أنني محنونة حرف أرفض أن أتعرى من حبك كي لا أفقد ذاكرتي